نصيحة لمحبي سعيد فودة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 
هذه كلمات كتبها بعض طلبة العلم في الأردن في سعيد فودة وتم توزيعها ,وقد استأذنته في نشرها 
نصيحة لمحبي سعيد فودة

تمهيد :
هذه كلمات قليلة أوجهها لك يا صديقي ، حول موضوع تناقشنا فيه من قبل، لكن شدتك عاطفتك ومحبتك لفودة ، فلم تر الحقيقة كاملة ، ولذلك آثرت أن أكتب لك هذه الكلمات لتقرأها بذهن صاف وهدوء ، دون انفعال النقاش والحوار كالعادة .
لم أرغب بالتوسع والدخول في التفاصيل ، لما أعلمه منك من عقل وعلم ، تستطيع أن تدرك به الحق من الباطل إذ أنت متفق معي وكل العقلاء ، أن ما بني على باطل فهو باطل مثله ، وهذا ما أردتك أن تدركه عبر رسالتي هذه ، وأنا على يقين من وصولك لهذا رغم مخالفته لعاطفتك ومحبتك ، وأترك الآن مع ما كنت أحاول أن أقوله لك مشافهة فلم أتمكن فكتبته لك ،فتفضل ... 
المرء على دين خليله !!
حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقرر حكمة مقررة بين العقلاء ، من أدركها أراح نفسه من كثير عناء حين تصادفه شخصيات يكثر حولها الجدل والخصام ، وذلك أنها تكشف المستور وتظهر المخبوء ، وهي بذلك تختصر الزمن وتوفر التجربة المرة القاسية التي يمر بها الإنسان حتى تتضح له حقيقة الأشخاص الذين يتعامل معهم .

وسعيد فودة شخص قد كثر الجدال حوله، لأسباب منها النزاعات الداخلية بين الأشاعرة بعد مروق حسن السقاف عنهم ، ومنها توجهه للتأليف والإكثار منه مؤخراً ، فأصبح بعض الناس بين معجب ومعظم أو ناقم ومذمم ، وذلك بسبب الخلط بين المنهج والسلوك ، فبعض المادحين يعجبهم جمال التعامل الشخصي عند فودة ، وبعضهم ينبهر بعلمية فودة وجداله ، وبعض القادحين يقدح في فودة لمعرفته بانحراف منهج فودة العلمي والخلقي من ناحية الأمانة العلمية ، وبعضهم بسبب التنازع على زعامات وأتباع .

وحتى نعرف حقيقة فودة لنطبق هذه القاعدة ونرى من خليل فودة ؟ 
وسيأتيك الجواب إنه حسن السقاف !! ذلك الرجل الذي لم تجتمع كلمة كثير من العلماء والتيارات منذ زمن بعيد على موقف واحد كما اجتمعت كلمتهم على ضلاله وتبديعه وسوء خلقه وانعدام أمانته .
وقد أحسن الأستاذ غالب الساقي صاحب كتابي " الإسعاف في الكشف عن حقيقة حسن السقاف " وكتاب " كشف الغمة في التحذير من تعدي السقاف على علماء الأمة " في رفع ورقة التوت عن عورات السقاف ، فتكشف أمره وظهر باطله لكثير من الناس الذين كانوا ينفرون من السقاف بفطرتهم السليمة دون أن يعرفوا لذلك سبباً فبين لهم الأستاذ غالب الساقي حقيقة فساد السقاف، فازدادوا ثقةً بفطرتهم السليمة .

لقد برهن لهم الأستاذ الساقي حقيقة ما احتوته شخصية السقاف من فكر وخلق فإذا هي ما يلي : 
1- حقد على الصحابة وأهل السنة وتعاون مع الشيعة الروافض علي أهل السنة! 
2- تكفير لعموم المسلمين الواقعين في الكبائر ، فأصبح من الخوارج الضالين.
3- كذب وتلفيق على العلماء الذين يعاديهم بطريقة لا تعرف الخجل أو الحياء.
4- قلة أدب ودين في التعامل مع علماء الإسلام . 

هذه عناوين المسائل التي حوتها شخصية السقاف ، فهل نجا منها سعيد فودة ؟؟

هذا هو المهم عندنا ؛البحث عنه والوصول لحكم فيه فكما قلنا: المرء على دين خليله ، فهل فودة على دين ومنهج السقاف الذي بيناه ؟؟

من المعلوم أن السقاف وفودة كانا صديقين حميمين ، ورفيقي درب واحد في حمل راية الأشعرية ، وبغض النظر عمن هو الأعلم والأقدم ومن هو الشيخ ومن هو المريد ، حيث يتراشق الطرفان اليوم الاتهامات حول ذلك ، وهذا بعد مروق السقاف وارتداده عن الأشعرية ومهاجمته للمذهب ومؤسسه أبي الحسن الأشعري، وبقاء فودة على أشعريته مدافعاً عنها ومهاجماً السقاف الخائن لها .

لكن فودة تأثر بطريقة السقاف المنحرفة في نصرة باطله والتي تتأسس على قلة الأدب وقلة الأمانة مع العلماء والكذب عليهم .
وحتى لا يستغرب البعض ممن يحب أو يعاشر فودة فيراه يحسن التعامل ويتلطف في الحديث بعكس خليله السقاف، فنقول نعم فودة ليس بغليظ الطباع مع الناس كخليله السقاف، ولكن تعال اقرأ معي ما كتبه فودة عن حاله مع السقاف وذلك بعد خلافهم وافتراقهم ، لتعلم كم هما متطابقان في الشخصية العلمية والتي تأسست على قلة الأدب والأمانة مع العلماء واستسهال الكذب والتكفير، تعال اقرأ ما كتبه فودة عن مناظرات السقاف في قناة المستقلة حول شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهي مناظرات مسجلة منتشرة لا يمكن لأحد أن يشكك فيها أو يحرف مواقف السقاف وخليله فودة تجاهها .
يقول فودة في كتاب " موقف أهل السنة من الخلاف بين الغماري والسقاف " ص 10، المطبوع في الأردن سنة 2006 -وسنعلق على بعض الفقرات -: 
" فوجئت قبل سنتين أو ثلاث يناقش ( يقصد السقاف ) الوهابية على قناة فضائية في موضوع ابن تيمية وحرصا على إبداء سلامة النية طلبت من بعض الإخوة قبيل المناقشة أن يعرض على السقاف المساعدة إن احتاجها خاصة أنني قد قمت بكتابة كتاب موسع عن مذهب ابن تيمية وأعرف مذهبه تماما فلم أكن أحب أن يتم الرد على ابن تيمية بصورة ضعيفة بل بشكل علمي رصين معتمد على فهم تام لمذهبه لا كما فعل السقاف ولم يكن الجواب بالقبول وتعلل بضيق الوقت ولما سافر وبدأ في الحلقة الأولى وأظهر من التهافت ما لا مزيد عليه ظهر عليه الوهابية فلم يكن قادرا على مدافعتهم وجدالهم فتضايق العديد من الناس ..."
لاحظ مبادرته بعرض المساعدة على السقاف مع أن فودة قبل أسطر من هذه الفقرة وبعدها مباشرة كان يذم السقاف ، وأنه خرج عن الأشعرية ، ولذلك بين لنا هدفه ومقصوده ( الشريف ) من هذه المساعدة للسقاف المارق عن الأشعرية فقال:
" فإن العديد منهم كانوا ما يزالون يعتقدون أن السقاف على مذهب الأشاعرة وإن خالفهم في بعض المسائل ، فكانت هزيمته - حينئذ – ستعد هزيمة للأشاعرة ، لهذا الاعتبار وإبطالاً لما ينسب إلى ابن تيمية من المخالفات ، وخوفاً من هذا المحظور "
نلاحظ هنا السياسة الميكافلية : الغاية تبرر الوسيلة ، ليس مهم أن السقاف كاذب وجاهل وعدو الأشاعرة ، بل المهم أن لا يهزم الأشاعرة و أن نسقط شيخ الإسلام ابن تيمية !! أليس من الغريب أن هذين السقاف وفودة حريصان على إسقاط شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الزمن الذي نحن أحوج ما نحتاج فيه منهجه الذي أنقذ الأمة زمن اجتياح التتار لبلاد المسلمين ، ألسنا نعيش اليوم ظروفاً تستدعي وبقوة استلهام تجربة شيخ الإسلام في فتح باب الاجتهاد بالدليل وجمع كلمة المسلمين على التوحيد ونبذ البدع الخرافات التي تعلق المسلمين بغير الله من الأموات والجمادات والعمل على توحيد جهود العلماء والحكام والمحكومين لنصرة دين الإسلام .
أليس من الغريب أن تتوافق جهود السقاف و فودة مع دعوات سياسية غربية حاقدة تنادي باجتثاث مدرسة ابن تيمية ! فأي دور يلعب هؤلاء ؟؟؟

يكمل فودة فيقول : " وحرصا على عدم وقوع التهافت أكثر مما بدا اتصل بي العديد من المشايخ وطلبوا مني بإلحاح أن اتصل به وأقوم بإعطائه من المعلومات والأساليب الجدلية ما به يستد حاله ويتقوم ركابه .....وفعلا صرت أتصل به يوميا ودام ذلك عدة أيام وأعطيته من الملاحظات والمعلومات ما ظهر به على خصومه وأحرجهم في مواضع "
وقد سبق لفودة في صفحة 8 أن وصف أسلوب السقاف " بأنه ينزل إلى درك هابط فيه ... أسلوب المغالطات " وفي صفحة 10 " وصرت أرد على بعض مخالفاته بأسلوب علمي وبلا تهجم ولا تحريف لكلامه ، خلافاً لما يفعل هو مع مخالفيه " وهذا الأسلوب الهابط والمغالط والمحرف هو ما كان عليه السقاف في أشعريته !!
وهذا ما شاهده العالم أجمع على قناة المستقلة ، وهنا نتساءل ما هذه الأساليب الجدلية والمعلومات التي زود بها فودة السقاف ، هل هي الكذبات المتعددة التي قدمها يومياً في مناظرات المستقلة ولم يستطع السقاف الهروب و التخلص منها إلا بالكذب من جديد !!
فقد كان السقاف في المناظرة يومياً يتهرب من سؤال الشيخ عدنان عرعور عن مصدر كذباته فيكون الجواب دع عنك هذه وخذ هذه فإذا هي كذبة جديدة !!!
هل هذا الكذب وقلة الدين والخلق والأمانة هي ما قدمه فودة للسقاف ؟؟ 
والغريب أن فودة يفتخر بمساهمته بمناظرة السقاف فيقول : " وكان – السقاف – يشكرني بعد كل مكالمة ... " .
والغريب أن السقاف صرح في هذه المناظرات بكفر شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقد أثار هذا التكفير كل صاحب ضمير وإنصاف وعقل ، حتى أن مدير المناظرة الدكتور محمد الهاشمي لم يصدق أن هناك من يجرؤ على هذه الجريمة الكبرى وهي تكفير علم من كبار أعلام المسلمين ، ولذلك طلب الهاشمي من السقاف أن يذكر من يسانده في هذه الجريمة جريمة تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية ، فطلب السقاف رأي الدكتور محمد سعيد البوطي ، وفعلاً اتصل الهاشمي بالدكتور البوطي وسأله عن صحة تكفير ابن تيمية ، فأنكر هذا القول وأباه ، وهو موقف يسجل للدكتور البوطي ، حيث لم يحمله خلافه مع شيخ الإسلام على تكفيره كما فعل السقاف .
لكن الغريب والعجيب أن فودة لم ينكر على السقاف هذا التكفير كما فعل الدكتور البوطي، بل هو في سياق حديثه يرى أن السقاف منتصراً في مناظرته، وفعلاً هو منتصرٌ ولكن لشيطانه وهواه ، وليس السقاف فقط بل و فودة أيضاً ، وذلك أن فودة يعرف كما سبق وصرح أن السقاف " ينزل لدرك هابط " ويقوم أسلوبه " على المخالطات " و لا يتورع عن " تحريف كلام مخالفيه" ، وهذا ما سار عليه السقاف في مناظراته ، ولكن لما كان السقاف يدافع عن قضية مشتركة وهي إسقاط شيخ الإسلام ابن تيمية ، فلنضع الخصومة جانباً ونعود للتحالف ولو مع المبطلين !!
هذه حقيقة فودة وحقيقة السقاف وهكذا يتضح لك أيها القارئ الكريم صدق حديث النبي صلى الله عليه وسلم على مثل هؤلاء: " المرء على دين خليله " !!




" إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم "

وهذه مقولة ذهبية صاغها لنا علماء أجلاء ، وذلك بعد أن عركتهم الحياة وصقلتهم التجارب، فمن أخذ دينه عن مخادع كاذب ، كيف يكون دينه سليماً ؟ 
ولذلك بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن لا يكون كذاباً، وذلك أن الكذب رأس كل الشرور ، فكيف أذا كان في العلم والدين !!
ولذلك كانت صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي عرف بها قبل البعثة " الصادق الأمين " حيث أن هاتين الصفتين إذا نزعتا من شخص محال أن يكون صاحب دعوة موفقة ، فالصدق والأمانة هما شعار الإسلام ، وهما سبب هداية خلق كثير لما رأوا تجسد خلقي الصدق والأمانة في تجار المسلمين ودعاتهم .


ولذلك نهمس في آذان محبي فودة ، تبصروا قبل أن تفتنوا ، وذلك بأن تختبروا أمانة وصدق فودة .
وكما سبق القول : المرء على دين خليله ، فإن فودة يعاني من نفس الآفات الخلقية عند السقاف وهي :
1- الكذب .
2- الخيانة العلمية .
3- تحريف كلام المخالفين .
4- التهجم على العلماء .
ولكن مع فارق وحيد أنه يفعل ذلك بأدب وابتسامة ، بعكس السقاف !!


بيان آفات فودة العلمية 

أولاً : الكذب والخيانة العلمية وتحريف كلام مخالفيه:
1- زعم فودة في كاشفه صفحة 39 : " أن شيخ الإسلام أبطل كل الأدلة العقلية التي اعتمد عليها العلماء من سائر الفرق في إثبات وجود الله ؛ فلا يوجد دليل عقلي عند ابن تيمية على وجود الله". 
ونقول له : قال شيخ الإسلام ابن تيمية :" أما إثبات الصانع فطرقه لا تحصى بل الذي عليه جمهور العلماء أن الإقرار بالصانع فطري ضروري مغروز في الجبلة "، ثم بعد أن قرر ذلك قال :" وأما بالعقل فيعلم أن العالم لو كان قديماً لكان إما واجباً بنفسه , وهذا باطل كما تقدم التنبيه عليه من أن كل جزء من أجزاء العالم مفتقر إلى غيره , والمفتقر إلى غيره لا يكون واجباً بنفسه , وإنما واجباً بغيره فيكون المقتضى له موجباً بذاته..""منهاج السنة" (2|270).
2- قال فودة في كاشفه عن شيخ الإسلام أنه يقول : "إن الله محدود من جميع الجهات" صفحة207, وقال أيضاً صفحة227:" الله محدود حدا مطلقاً من سائر الجهات لا من جهة التحت فقط".
قلت : ما نسبه إلى شيخ الإسلام هو من إلزاماته الباطلة وهي افتراء وتدليس فشيخ الإسلام قد قرر عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله محيط بكل شيء وفوقه قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: 
"والمقصود أنه إذا كان الله أعظم وأكبر وأجل من أن يقدر العباد قدره أو تدركه أبصارهم أو يحيطون به علماً, وأمكن أن تكون السماوات والأرض في قبضته لم يجب - والحال هذه - أن يكون تحت العالم أو تحت شيء منه ؛ فإن الواحد من الآدميين إذا قبض قبضة أو بندقة أو حمصة أو حبة خردل , وأحاط بها بغير ذلك لم يجز أن يقال : إن أحد جانبيها فوقه لكون يده لما أحاطت بها كان منها الجانب الأسفل يلي يده من جهة سفلها, ولو قدر من جعلها فوق بعضه بهذا الاعتبار لم يكن هذا صفة نقص بل صفة كمال .
وكذلك أمثال ذلك من إحاطة المخلوق ببعض المخلوقات كإحاطة الإنسان بما في جوفه , وإحاطة البيت بما فيه , وإحاطة السماء بما فيها من الشمس والقمر والكواكب ؛ فإذا كانت هذه المحيطات لا يجوز أن يقال : إنها تحت المحاط , وأن ذلك نقص مع كون المحيط يحيط به غيره ؛ فالعلي الأعلى المحيط بكل شيء الذي تكون الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه كيف يجب أن يكون تحت شيء مما هو عال عليه أو محيط به ويكون ذلك نقصاً ممتنعاً .
وقد ذكر أن بعض المشايخ سئل عن تقريب ذلك إلى العقل فقال للسائل : إذا كان باشق كبير- نوع من الطيور - , وقد أمسك برجله حمصة أليس يكون ممسكاً لها في حال طيرانه , وهو فوقها ومحيط بها ؛ فإذا كان مثل هذا ممكنا في المخلوق فكيف يتعذر في الخالق" . "درء التعارض "(3|281) .
3- في صفحة من كاشفه 24 نسب إلى شيخ الإسلام أنه يثبت لله الجنب فقال :" هذا هو حاصل قول ابن تيمية بالضبط , وإن لم يصرح به بهذا الوضوح ".
قلت : هكذا هي الأمانة العلمية عند فودة ! و قد أنكر شيخ الإسلام على من أثبت الجنب لله من قوله تعالى :{ ما فرطت في جنب الله } مجموع الفتاوى (6|14).
4- دلس على القراء أن شيخ الإسلام يقول:" أن الله له طول وعرض وارتفاع – هكذا زعم – ص31 من كاشفه" .
قلت : ونحن نطالبه بهذا النص من غير وضع لإلزاماته الباطلة .
5 -قال في شرح السنوسية ص 63 : "والذين ينتسبون إلى السلف بالاستواء فهم يقولون إن الله مستو على العرش بمعنى استقر عليه بمماسة وهو نفس معنى الجلوس .." !ثم قال : "ولعلك تستغرب جدا عندما تعلم أن ابن تيمية يثبت لله الأمرين أعني أنه يثبت لربه أنه جالس مستو على العرش ومستقر عليه بمماسة .."!
قلت : ونحن نطالبه بالنص في إثبات ذلك على ما ذكر .

هذه بعض الأدلة على آفات فودة العلمية والخلقية من الكذب والخيانات العلمية وتحريف كلام المخالف له، والتي تسقط مصداقية فودة عند العقلاء والمنصفين، رغم تشدق فودة بالتزام المنهجية العلمية والأمانة في النقل، كما قال في كتابه الموقف صفحة15:"ومنهجنا العام .. أولا : الالتزام عند مناقشة أحد المخالفين بذكر كلامه كما أراد هو ولن نكتفي باقتطاع جزء من عباراته حتى لا يخيل إلى القاريء أننا شوهنا كلامه .. ويعرف أننا لم نظلمه ولم ننسب إليه ما لم يقله .. "
فهل صدق فودة في ذلك ؟؟ ونذكر محبي فودة ،"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"!!

ثانيا : آفة التطاول على العلماء فهذه بعض أمثلتها :
1-اتهامه لإمامه أبى الحسن الأشعري بالمداهنة وتمييع الدين ، قال فودة في كتابه بحوث في علم الكلام 41 : وبعد الدراسة لهذه المرحلة دراسة مدققة توصلت إلى أنه عندما تراجع عن فكر الاعتزال التقى بالحنابلة الذين كانوا قد غالوا حتى وصلوا إلى أطراف التجسيم بل كثير منهم كان قد غاص فيه , والتقى بأحد مشايخهم وهو الحافظ زكريا الساجي المتوفى سنة 307 , ومنه عرف الأشعري مقالة الحنابلة وعقائدهم , وعلى إثر هذا ألف كتابه الإبانة عن أصول الديانة هذا الكتاب الذي قال فيه الكوثري : إن الإمام الأشعري حاول بهذا الكتاب أن يتدرج بالمجسمة من أحضان التجسيم ليرفعهم إلى أعتاب التنزيه , ولا شك أن هذا الكتاب كان بعد أن رأى الأشعري مدى اختلاط الحنابلة بعقائد المجسمة ؛ فأراد أن يرفعهم عن هذه الدرجة فألف كتاب الإبانة , وألف كثيراً من الكتب نحو اللمع ورسالة إلى أهل الثغر وغيرها !
ولن نناقش فودة هنا بكذبه في نسبة التجسيم للحنابلة ، فمن يجرؤ على اتهام إمامه بقلة الدين والمداهنة والتقية، يسهل عليه اتهام المخالفين بما شاء !!
ونقول لفودة هل الإمام أبى الحسن الأشعري سبباً لضلال كثير من المسلمين بتأليفه لكتب الإبانة ورسالة إلى أهل الثغر واللمع ومقالات الإسلاميين ؟! نريد جواباً واضحاً.

2- فودة لا يجرؤ على التصريح بتكفير شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولكنه يحوم حوله ، فقد سبق سكوته عن تكفير السقاف لابن تيمية ، وفي كتبه يلمح لذلك كما في كتابه "نقض التدمرية" صفحة 10 :" قال نعيم بن حماد شيخ البخاري رحمهم الله : من شبه الله بخلقه كفر ... فنقل الشارح عن نعيم بن حماد تكفير المشبهة ولم يعلم أن ابن تيمية يجيز التشبيه من بعض الوجوه .."!

3- نسب فودة كثيرا من العلماء والمحققين للتجسيم :
كابن قدامة وابن القيم والقاضي أبي يعلى ، تهذيب شرح
السنوسية ص 12.
الشوكاني ، الفرق العظيم ص 57- 58.
ابن أبى العز الحنفي في تهذيب شرح السنوسية ص 37. 
والدارمي موقف أهل السنة ص 106.


حقيقة الخلاف
بين أهل السنة و الأشاعرة في الصفات الإلهية

إن فهم الخلاف في هذه المسألة سهل على من أراد ذلك للوصول للحق فيها ، ولكن كثيراً من الناس كفودة والسقاف يلجؤون للتفريع وتكثير المقولات وتضخيم القضايا وإطلاق الاتهامات في كل الاتجاهات ، وكل ذلك لضعف موقفهم وتغطية باطلهم .
ولذلك سنعرض الخلاف بشكل واضح ومختصر، ثقة ً منا بفطرة المسلمين وعقولهم . 
قال ابن القيم رحمه الله في" الصواعق" :
" فالناس كانوا طائفتين سلفية وجهمية فحدثت الطائفة السبعية - الأشاعرة - واشتقت قولا بين القولين فلا للسلف أتبعوا ولا مع الجهمية بقوا .
وقالت طائفة أخرى : ما لم يكن ظاهره جوارح وأبعاض كالعلم والحياة والقدرة والإرادة والكلام لا يتأول , وما كان ظاهره جوارح وأبعاض كالوجه واليدين والقدم والساق والإصبع ؛ فإنه يتعين تأويله لاستلزام إثباته التركيب والتجسيم .
قال المثبتون ( السلف – أهل السنة ) : جوابنا لكم بعين الجواب الذي تجيبون به خصومكم من الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات ؛ فإنهم قالوا لكم لو قام به سبحانه صفة وجودية كالسمع والبصر والعلم والقدرة والحياة لكان محلا للأعراض , ولزم التركيب والتجسيم والانقسام كما قلتم لو كان له وجه ويد وأصبع لزم التركيب والانقسام .
فما جوابكم لهؤلاء نجيبكم به !
فإن قلتم : نحن نثبت هذه الصفات على وجه لا تكون أعراضاً ولا نسميها أعراضاً فلا يستلزم تركيباً ولا تجسيماً .
قيل لكم : ونحن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه إذ نفيتموها أنتم على وجه لا يستلزم الأبعاض والجوارح , ولا يسمى المتصف بها مركباً ولا جسماً ولا منقسماً فإن قلتم هذه لا يعقل منها إلا الأجزاء والأبعاض .
قلنا لكم وتلك لا يعقل منها إلا الأعراض . 
فإن قلتم العرض لا يبقى زمانين وصفات الرب باقية قديمة أبدية فليست أعراضا .
قلنا وكذلك الأبعاض هي ما جاز مفارقتها وانفصالها وانفكاكها وذلك في حق الرب تعالى محال فليست أبعاضا ولا جوارح فمفارقة الصفات الإلهية للموصوف بها مستحيل مطلقا في النوعين والمخلوق يجوز أن تفارقه أعراضه وأبعاضه . 
فإن قلتم إن كان الوجه عين اليد وعين الساق والإصبع فهو محال وإن كان غيره لزم التمييز ويلزم التركيب . 
قلنا لكم وإن كان السمع هو عين البصر وهما نفس العلم وهي نفس الحياة والقدرة فهو محال وإن تميزت لزم التركيب فما هو جواب لكم فالجواب مشترك فإن قلتم نحن نعقل صفات ليست أعراضا تقوم بغير جسم متحيز وإن لم يكن لها نظير في الشاهد . 
قلنا لكم فاعقلوا صفات ليست بأبعاض تقوم بغير جسم وإن لم يكن له في الشاهد نظير ونحن لا ننكر الفرق بين النوعين في الجملة ولكنه فرق غير نافع لكم في التفريق بين النوعين وأن أحدهما يستلزم التجسيم والتركيب والآخر لا يستلزمه ولما أخذ هذا الإلزام بحلوق الجهمية قالوا الباب كله عندنا واحد ونحن ننفي الجميع . 
فتبين أنه لا بد لكم من واحد من أمور ثلاثة إما هذا النفي العام والتعطيل المحض وإما أن تصفوا الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله ولا تتجاوزوا القرآن والحديث وتتبعوا في ذلك سبيل السلف الماضين الذين هم أعلم الأمة بهذا الشأن نفيا وإثباتا وأشد تعظيما لله وتنزيها له عما لا يليق بجلاله فإن المعاني المفهومة من الكتاب والسنة لا ترد بالشبهات فيكون ردها من باب تحريف الكلم عن مواضعه ولا يترك تدبرها ومعرفتها فيكون ذلك مشابهة للذين إذا ذكروا بآيات ربهم خروا عليها صما وعميانا ولا يقال هي ألفاظ لا تعقل معانيها ولا يعرف المراد منها فيكون ذلك مشابهة للذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني بل هي آيات بينات دالة على أشرف المعاني وأجلها قائمة حقائقها في صدور الذين أوتوا العلم والإيمان إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل كما قامت حقائق سائر صفات الكمال في قلوبهم كذلك فكان الباب عندهم بابا واحدا قد اطمأنت به قلوبهم وسكنت إليه نفوسهم فآنسوا من صفات كماله ونعوت جلاله بما استوحش منه الجاهلون المعطلون وسكنت قلوبهم إلى ما نفر منه الجاحدون وعلموا أن الصفات حكمها حكم الذات فكما أن ذاته سبحانه لا تشبه الذوات فصفاته لا تشبه الصفات فما جاءهم من الصفات عن المعصوم تلقوه بالقبول وقابلوه بالمعرفة والإيمان والإقرار لعلمهم بأنه صفة من لا شبيه لذاته ولا لصفاته .
قال الإمام أحمد إنما التشبيه أن يقول يد كيد أو وجه كوجه فأما إثبات يد ليست كالأيدي ووجه ليس كالوجوه فهو كإثبات ذات ليست كالذوات وحياة ليست كغيرها من الحياة وسمع وبصر ليس كالأسماع والأبصار وليس إلا هذا المسلك أو مسلك التعطيل المحض أو التناقض الذي لا يثبت لصاحبه قدم في النفي ولا في الإثبات وبالله التوفيق . 
وحقيقة الأمر أن كل طائفة تتأول ما يخالف نحلتها ومذهبها فالعيار على ما يتأول وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه والقواعد التي أصلتها فما وافقها أقروه ولم يتأولوه وما خالفها فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه ولهذا لما أصلت الرافضة عداوة الصحابة ردوا كل ما جاء في فضائلهم والثناء عليهم أو تأولوه ولما أصلت الجهمية أن الله لا يتكلم ولا يكلم أحدا ولا يرى بالأبصار ولا هو فوق عرشه مبائن لخلقه ولا له صفة تقوم به أولوا كل ما خالف ما أصلوه .." "الصواعق" (1/226 -231)

نعم نريد إجابة على التفريق بين إثبات السمع والبصر والعلم دون لزوم التركيب والتجسيم والأبعاض ، وبين إثبات الوجه واليد وبقية الصفات ؟؟

ولذلك من يبحث هذه المسألة بشكل علمي نزيه يجد نفسه بين إثبات كل ما صح نقله عن صفات الله أو نفي كل الصفات ، ولا يصح نفي البعض وإثبات البعض دون فارق معتبر شرعاً وعقلاً !!

ولذلك نصر شيخ الإسلام مذهب السلف وأهل السنة القائم على إثبات ما صح نقله من صفات الله عز وجل دون تشبيه أو تمثيل أو تكييف لذلك بشيء من مخلوقات الله ، وقرر ذلك بطريقة عقلية شرعية تقوم على قاعدتين :
1- القول في الصفات كالقول في الذات : فكما يثبت الجميع ذاتاً لله عز وجل لا تشابه أو تماثل ذوات المخلوقين ولا يجوز تكييفها ، فكذلك نثبت لله عز وجل صفات لا تشابه أو تماثل صفات المخلوقين ولا يجوز تكييفها . وهذا رد على الجهمية والمعتزلة والشيعة .
2- القول في الصفات كالقول في البعض الآخر : أي كما يثبت الأشاعرة لله عز وجل عدداً من الصفات دون تشبيه أو تمثيل أو تكييف ، فكذلك يجب إثبات الباقي من الصفات ، لعدم وجود حجة معتبرة في التفريق بين الصفات . وهذا رد على الأشاعرة . 
هذا هو حقيقة الخلاف بين الأشاعرة وأهل السنة في قضية الصفات ، ونترك لك أيها القارئ الكريم لتقرر موقفك منها ، وإذا رغبت بمزيد من التفصيل فيها من منظور أهل السنة فننصحك بالكتب التالية :
1- الأسماء والصفات في معتقد أهل السنة والجماعة ، د. عمر الأشقر .
2- القواعد المثلى في صفات وأسماء الله الحسني، تقريب التدمرية ، تقريب الحموية ، العلامة ابن عثيمين
3- الصفات الإلهية ، د. محمد أمان الجامي.
4- منهج الأشاعرة في العقيدة، د. سفر الحوالي .
خاتمة

وهكذا يا صديقي لقد كتبت لك كل ما كنت أرغب بقوله لك ، وأترك لك الحكم والقرار .
وأدلك على بحث موسع في مناقشة فودة في كتبه وأبحاثه إذا كنت ترغب بالمزيد من معرفة حقيقة فودة العلمية والخلقية .